19‏/07‏/2009

الفصل الحـادي عشــر




هناك ... على بعد عدة أميال من القاهرة الجديدة
وعلى الطريق المؤدي الى مدينة الاسكندرية السريع
توقفت احدى السيارات الفارهة امام بوابة لفيلا ضخمة ... واطلقت نفيرا لمرتين متتاليتين ، وانفتحت بوابة الفيلا في هدوء ...
وانزلقت السيارة الفارهة الى داخل الفيلا في سلاسة ونعومة وظهر احد الخدم وهو يركض الي السيارة في سرعة وهو يفتح بابها الخلفى وينحنى انحناءة مبالغة وهو يقول

- ان السيد ينتظرك يا سيدتى

غادرت السيدة السيارة في سرعة وهي تحث الخطى حتى وقفت في الردهة وهي تحاول في صعوبة ان تبتلع ريقها وهي تنظر الى باب المكتب المفتوح امامها والضوء الخافت والموسيقي تنساب من الحجرة ، ثم استجمعت شجاعتها ودخلت الى الغرفة لتقف امامه ...

أمام الشيطــان ... شخصيــا

*******************

التقطت هند هاتفها المحمول وهي تحاول الاتصال عبثا بأختها الكبرى بعد ان غادرت المنزل ، وجاءتها الرسالة المسجلة التى تفيد ان الهاتف خارج نطاق الخدمة في رتابة وملل ، واطلقت زفرة حارة وهي تقذف بالهاتف على الفراش ، والقت جسدها على الأريكة الكبيرة التى تواجه الفراش وهي تنظر إلي هاتفها المحمول

حتى ارتفع صوت صياح الطفلة ، فانتفضت في عنف وغادرت الغرفة مهرولة الى غرفة الطلفة المجاورة لها مباشرة وهي تربت على كتفها قائلة

- لا تقلقى يا صغيرتى ، انه حلم مزعج

واستمرت في تهدئتها حتى أسبلت عينها في نعومة وبراءة من جديد وارقدتها في هدوء وحرص على الفراش .... ونهضت لتمسك الغطاء ... وتسمرت في مكانها وهي في ذلك الظرف الأصفر الذى ظهر طرفه من أسفل الوسادة ...

ثم مدت يدها المرتجفة لتلتقطه في سرعة وهي تحاول ان تغادر الغرفة في هدوء ، وبقفزة واحدة ... اصبحت في ردهة المنزل وهي توقد الانوار وتفض المظروف في عنف ... وتقرأ سطوره القليلة ... لتطلق شهقة جزع ... ووداع . ممهورة بأسم أختها الكبرى

إســـراء ســـالم

***********************

انقضت ساعات الحب الطويلة بين إسراء ومدحت في حب عنيف ... على كل لقائهم الأخير ... وغط مدحت في نوم عميق ... في احضان اسراء التى شرعت تداعب خصلات شعره وهي تنظر نحو المرآة ...

واستولى عليها التفكير كثيرا بعد ان انتهى دورها واستلمت ما تريده لتؤمن حياتها وحياة طفلتها ... ومستقبل اختها الصغرى ...

وكان الثمن هو تسليم عشيق وحبها الوحيد الى يد الشيطــان نفسه .

ولكنها لم يكن لديها الخيار ... فهى تعلم ما قد ستؤول اليه الامور ان رفضت ... أو حتى لمحت بالاعتراض

فقد كانت ابنتها هيا الثمن ...

واليوم بعد انتهت الخطة .... ولم يتبقى سوى الخطوة الأخيرة ... جاء حبيب العمر ليطلب منها الزواج ...

وأصبحت امام المفترق الصعب ... وكان عليها الاختيار

فقد اصبحت الدقائق ثمينة ... للغاية
**********************

- هل حصلتى على الخاتم

نطق ذلك الشخص الذى يجلس خلف المكتب والظلال تخفى الكثير من ملامحه وهو يتحدث في صرامة وخشونة الى تلك السيدة

فأومأت السيدة برأسها في ايجاب ... فأشار لها بالجلوس على الكرسي المواجه إليه بجوار الباب


جلست والقلق يرتسم على ملامحها في وضوح وهي تقول

- هل يمكننى أن أرى أخي الآن

أجابها الرجل في اقتضــاب

- كلا ، انه نائم ...

صمتت السيد وهي تنظر إلى أرض الحجرة في انكساء ، مما جعل الرجل يضحك في استهتار واضح وهي يقول في تهكم

- يبدو أنك قلقة عليه

رفعت السيدة رأسها في ذل ...

فأكمل الرجل وهو ينهض من على مكتبه وهو يتحرك نحوها وتظهر ملامحه في وضوح وهو ينحنى لينظر اليها مباشرة

- لقد انتهى الامر ... وستقيمين الحفلة في الغد ... ليحضرها الجميع ... وستنالين كل ما ترغبين يامنــال

واطلق ضحكته التى بدت انها تتردد في الجدران في قوة ... وأخلتج قلب منال معها ... وبعنف


تململ مدحت في الصباح وهو ينظر الى ساعة الحائط في كسل وهو يبتسم لرؤية اسراء وهي تصفف شعرها امام المرآة التى ابتسمت له عندما رأته وهو ينظر اليها ... ونهضت لتجلس على طرف الفراش وهي تقول في دلال

- ألم يحن الوقت لكى تنهض ....

ابتسم وهو يجيبها

- أن اليوم العيد القومى لتحرير سيناء ... بمعنى آخر ... أننا سنقضى اليوم سويا

هزت اسراء رأسها نافية وهي تقول

- كلا ، يجب عليك ان تذهب لكي تجهز نفسك لعيد ميلاد ابنتك ، وشراء هديتها اليوم .

ظهر الازعاج على وجه مدحت وقد تذكر ان اليوم هو موعد عيلاد ميلاد ابنته في النادي ، وتضاربت الاحداث في رأسه

فابتسمت اسراء وهي تضع يدها على قلبه

- لا تقلق يا حبيبي ، سأكون معك ...

اجابها في حيرة

- ماذا تعنين

زادت ابتسامتها في غموض وهي تهتف

- هل نسيت ان زوجتك قد وجهت لي دعوة بهذه المناسبة

ودات ابتسامتها غموضا ... اكثر ... واكثر ...


*************************

وقفت منال زوجة مدحت تشرف على الاعدادت الخاصة لحفل عيد ميلاد ابنتها في ذلك النادي الذى يعد من أرقى الأندية في القاهرة ..

وقد اصابها القلق لما سيجرى في هذا اليوم ... وحرصت ان تظل القاعة خالية ... ولا يدخلها سوى الطاقم الخاص باعداد الحفلة ، وهى تنقل بصرها بين الفترة والأخري بين ساعتها وبين العاملين في القاعة حتى فرغت من كل الترتيبات وراجعت اسماء المدعوين مع المقاعد وفقرات الحفل المقترحة

وخرجت لالتقاط ابنتها التى تلهو وتعلب مع عدد من الاطفال في احدى القاعات المخصصة في النادي ، وذهبت معها لتغير ملابسها استعداداً للحفلة ...

في نفس الوقت الذى استقلت فيه اسراء سيارة مدحت وهي تطلق ضحكة عالية قائلة في سعادة حقيقية

- ان هذا الخاتم اروع بكثير من ذلك الخاتم القديم يا مدحت

ابتسم مدحت في رصانة غير معهودة وهو يرد باقتضاب

- ولكنك لا تعرفين قيمة الخاتم الاخر

تسرب القلق الى اعماق اسراء فاسرعت تسأله في دلال

- وهل ستعلن خطوبتي اليوم امام زوجتك

ضم مدحت شفتيه وهو يشعل محرك سيارته وهو يقول في اقتضاب

- هذا يعتمد .....

ثم صمت قليلا ...

فسألته اسراء في الحاح

- يعتمد على ماذا يا مدحت ؟؟؟

جذب مدحت ذراع السرعة وهو ينطلق بسيارته قائلا

- يعتمد على ما سيجرى في هذه الليلة

وانطلق مسرعا في طريقه الى النادي ... فقد كان عقله يشتعل بمئات الافكار ، وقد أيقن ان هذه الليلة ستكون مميزة ... للغاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق